إعداد/ عبد الغني سلامة
مقدمـة
كانت القارة السمراء – وما زالت – جزءاً أساسياً وهاماً من المخططات الصهيونية، بل وكانت في البدايات جزءاً من مشروعه الاستيطاني؛ حيث تم اختيار بعض الدول الإفريقية وطنا مقترحا لِـ”الشعب اليهودي”، أو موقعا بديلا لتوطين اليهود في حالة فشل المركز الأصلي “فلسطين”؛ من تلك الدول المستهدفة كانت كينيا وأوغندا، حيث اهتم “ثيودور هرتزل” و”حاييم وايزمان” بهما بشكل خاص، كما تم مخاطبة اللورد “كرومر” لإقامة الوطن القومي لليهود في السودان في العام 1903، أي عندما كان السودان مستعمرة بريطانية،[1] وذلك تماشيا مع رغبة اليهود الروس الذين كانوا يفضلون أرضا زراعية يمكنهم فلاحتها، بعدما ساءت أحوالهم في روسيا. وقد رحب “هرتزل” بالفكرة لأنه رأى في شرق ووسط أفريقيا مكاناً مناسباً، خاصة وأن هناك تواجدا لليهود الأفارقة، لكن جميع هذه المقترحات تم رفضها واستبعادها نهائيا بعد وفاة “هرتزل”، وتم تبني فلسطين موقعا وحيدا للمشروع الاستيطاني الصهيوني، وذلك في المؤتمر الصهيوني السادس عام 1903.[2]
إلا أن إفريقيا لم تغب عن ذهن الساسة الإسرائيليين؛ وقد ركزت إسرائيل عليها نظراً لما تتمتع به القارة من مزايا استراتيجية، وأهمية حيوية للأمن الإسرائيلي، وما تنعم به من ثروات طبيعية ومعدنية ومخزون من المياه الوفيرة. وقد بدأ مخطط التسلل الإسرائيلي إلى أفريقيا منذ وقت مبكر بعد تأسيس الدولة العبرية، مستخدمة الأسطورة التوراتية ومقولة “شعب الله المختار” تارة، والوعود بتقديم المساعدات تارة أخرى، مستغلةً فَقر القارة الإفريقية وافتقارها إلى النظم التكنولوجية والعلمية الحديثة، وكثيرا ما كان يظهر الوجه الحقيقي لدوافع هذه السياسة بسعيها للسيطرة على المواقع الحيوية وإقامة محطات للتجسس، وإثارة الفتن والقلاقل، وتشجيع نزعات الانفصال وصفقات السلاح وتجارة الماس المشبوهة .. كانت بداية التسلل من غرب القارة، ثم امتد لوسطها وانتقل إلى شرقها، خاصة بعد فتح خليج العقبة أمام الملاحة “الإسرائيلية” عام 1957، والذي استفادت منه “إسرائيل” في تسيير خطوط ملاحية بحرية منظمة ربطتها بإفريقيا وآسيا.
وإذا كانت فترة الرئيس المصري “جمال عبد الناصر” قد شهدت صراعا وتنافسا محموما على القارة؛ فإنها ومع نهاية السبعينات قد تُركت لإسرائيل وحدها لتعيث فيها فسادا، دون أن يضايقها أو ينافسها أحد، وربما في فترتها كانت منظمة التحرير الفلسطينية وحدها من يركز نشاطه السياسي والاقتصادي والدبلوماسي في القارة الإفريقية، بالرغم من قلة الإمكانات، وانعدام التكافؤ بينها وبين إسرائيل على هذه الجبهة، حين كان الراحل “ياسر عرفات” يجوب القارة بجولاته المكوكية لحشد التأييد للقضية الفلسطينية، ويحرص على المشاركة في مؤتمرات القمم الإفريقية، ويسعى لفتح مكاتب تمثيل دبلوماسية لمنظمة التحرير في مختلف العواصم الإفريقية، وكانت المنظمة من خلال مؤسسة “صامد” تقيم المشاريع الاقتصادية في أكثر من بلد إفريقي.
بدايات التغلغل
في السنوات الأولى من تأسيس إسرائيل تركز اهتمام صنّاع القرار في الدولة الجديدة على تمتين علاقاتها بالدول الكبرى التي اعترفت بها للتو، وأهمها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي، وذلك بهدف ترسيخ شرعية وجودها وتأمين المساعدات اللازمة لقيامها، ولم يعيروا أهمية تُذكر لدول العالم الثالث، وبالذات الدول الإفريقية؛ بدليل أنه لم يكن لدى إسرائيل طوال العقد الأول بعد تأسيسها سوى سبع سفارات فقط في العالم بأسره، ستة منها في القارة الأوروبية وأمريكا الشمالية وواحدة فقط في إفريقيا. إلا أنها تنبهت لخطأ هذا المنحى؛ فبدأت أولاً بتأسيس علاقات جديدة مع دول أخرى لها حضور فاعل على الساحة الدولية، ثم بإقامة علاقات مع بقية دول العالم.
ولما كانت أمريكا اللاتينية بمثابة الحديقة الخلفية للبيت الأبيض؛ اعتبرتها إسرائيل مضمونة، وبالتالي يمكن تأجيلها بعض الوقت، بينما كانت معظم الدول الآسيوية واقعةً تحت النفوذ السوفييتي والصيني، وتعاني من تبعات الحرب العالمية الثانية ومن حروب الاستقلال، الأمر الذي دعا إسرائيل لجعلها في المرتبة الثانية ضمن أولوياتها بعد إفريقيا.
وقد تنبهت إسرائيل بشكل خاص للقارة الإفريقية، بعد أن كانت مجرد قارة مجهولة فقيرة، تخضع معظم دولها للاستعمار الأجنبي، وغالبية دولها لا ترغب بإقامة علاقات معها باعتبارها دولة تمتلك العديد من الأعداء؛ لذلك لم يكن لإسرائيل علاقات دبلوماسية مع أي دولة إفريقية باستثناء “جوهانسبرج” و”ليبيريا”، حتى حدث الانفراج في العلاقات الإسرائيلية الإفريقية مع حصول “غانا” على استقلالها عام 1957. بيد أن نقطة التحول الأساسية التي دفعت إلى حدوث هذا التحول في الدبلوماسية الإسرائيلية تجاه إفريقيا تمثلت في عقد مؤتمر دول عدم الانحياز في “باندونج” عام 1955؛ والذي لم يكتف بتغييب إسرائيل عن حفل الافتتاح، بل دعا لإدانتها واعتبارها كيانا غاصبا.
أسباب الاهتمام الإسرائيلي بإفريقيا
من نافلة القول أن لإسرائيل دورا وظيفيا محددا مجاله الحيوي يمتد عبر خارطة العالم بأسره، وتلعب من خلاله دور الموقع العسكري المتقدم الذي يحمي المصالح الأمريكية في المنطقة كمنابع النفط والمضائق المائية، ويقدم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لها، وذلك في سياق الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، ولتثبيت الهيمنة الأمريكية على العالم. وعلى مستوى العالم الثالث؛ كان لها دور محدد في محاربة التحولات الثورية والديموقراطية، ودعم الأنظمة العميلة، وتمرير صفقات السلاح غير الرسمية. وقد اهتمت إسرائيل بالقارة الإفريقية بشكل خاص في هذا السياق، وأيضا لأسباب استراتيجية وسياسية وأمنية واقتصادية خاصة بها، وقد تركزت في المحاور التالية:[3]
1. في المجالين الاستراتيجي والأمني: مثلت إفريقيا موقعا حيويا بالنسبة لإسرائيل، بسبب قربها الجغرافي منها من ناحية، وبسبب إحاطتها بالدول العربية التي كانت تناصبها العداء من ناحية أخرى، وما لذلك من تأثيرات هامة في الصراع العربي الصهيوني. وقد شكّل كلٌ من البحر الأحمر والقرن الإفريقي وحوض النيل مواقع بالغة الأهمية بالنسبة لإسرائيل؛ حيث أن ترتيب التحالفات وتوازن القوى في هذه المناطق يرتبط بالأمن القومي العربي عموماً والمصري تحديداً، وبالتالي سيرتبط بمنظومة الأمن الإسرائيلي، ونظرا لاتصال القرن الإفريقي بالبحر الأحمر وقناة السويس وخليج العقبة من جهة والخليج العربي من جهة ثانية؛ حيث يمر معظم النفط العالمي، لذلك فإن هذا الممر المائي والذي يسمى “قوس الأزمات” هو من يقرر السلم العالمي، ويؤثر على مصالح الدول الكبرى. ومن هذا المنطلق خططت إسرائيل للتغلغل في هذه المناطق، وخلْق وجود قوي وراسخ لها، والنفاذ إلى دولها، باعتبارها أيضاً بمثابة العمق الاستراتيجي للدول العربية، والتي يمكن الانطلاق منها والتسبب بمتاعب لجيرانها العرب، وتشتيت جهودهم وانتباههم باتجاه هذه الدول الإفريقية بعيدا عن إسرائيل، من خلال تحقيق وجود عسكري فعال ومتفوق للسيطرة عليها.
وفي الفترة من العام 1963 وحتى 1967، ركزت إسرائيل على منطقتي القرن الإفريقي والبحر الأحمر باعتبارهما المخرج الجنوبي الوحيد لها الذي يصلها بجنوب وشرق الكرة الأرضية، وباعتبارها منطقة استراتيجية من الناحية الأمنية والعسكرية والاقتصادية؛ فسعت إسرائيل إلى إيجاد نفوذ لها على طول الساحل عبر علاقتها المتميزة مع أثيوبيا في زمن “هيلاسيلاسي”، (عندما كانت تحتل أرتيريا). وبالفعل نجحت في إنشاء مراكز عسكرية لها في جزر فاطمة ودهلك وحالب على الساحل الإرتيري، حيث احتفظت بمراكز رصد معلومات وقوات كوماندوز وقطع بحرية صغيرة على تلك الجزر.
ونظراً لغياب قواعد عربية واضحة تحكم أمن البحر الأحمر، والمضائق المائية، ومع استقلال ارتيريا عام 1993 وابتعادها عن النظام العربي، فإن إسرائيل، في ظل هذا الوضع، استطاعت أن تضمن تلبية مطالبها الأمنية الخاصة في هذ المنطقة الحساسة، فهي ما زالت تفرض سيطرة عسكرية على جزر البحر الأحمر قبالة السواحل السعودية والمصرية واليمنية.[4]
2. في المجال السياسي: أرادت إسرائيل تمتين علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الإفريقية للخروج من العزلة التي فرضتها عليها الدول العربية، وأيضا للاستفادة من تصويتها لصالحها في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية.[5] وتغيير وجهة النظر الإفريقية في الصراع العربي الصهيوني لصالح الرواية الإسرائيلية، وسحب البساط من تحت أقدام الجانب العربي في مجالات التعاون العربي الإفريقي على المستوى الاقتصادي والتجاري والعسكري، حيث أن تعزيز العلاقات الأفريقية الإسرائيلية سيزيد من عناصر القوة الشاملة لإسرائيل، وسيقلل في نفس الوقت من عناصر القوة للدول العربية، بحيث تُحدث مزيدا من الخلل في ميزان القوى لصالح إسرائيل.
3. في المجال الاقتصادي كان الهدف الإسرائيلي الأساسي هو اقتناص الأسواق الإفريقية الواسعة، والأقرب إلى إسرائيل بعد أن عجزت عن التغلغل في الأسواق العربية. وقد عمدت إسرائيل إلى افتتاح مكاتب تجارية لها بهدف تطوير وزيادة حجم التبادل التجاري مع الدول الإفريقية؛ حيث قامت بإنشاء شركات في إفريقيا توزعت نشاطاتها على العديد من المجالات، مثل الصناعات الزراعية، وإقامة مزارع للدواجن والماشية، وإنشاء مراكز التدريب والإرشاد الزراعي، وشركات للنقل البحري، مثل “شركة النجمة السوداء للملاحة البحرية” في غانا وشركة الأسطول البحري في ليبيريا، كما أنشأت شركات للطيران، وساهمت في بناء مطار أكرا في غانا، وأقامت أيضا مدارس وجامعات، مثل جامعة هيلاسيلاسي في إثيوبيا، ومستشفيات مثل مستشفى مصوع في أرتيريا.[6]
وفي هذا الصدد تُعد تجارة الماس والأسلحة والخدمات الأمنية من أهم الاستثمارات الإسرائيلية في إفريقيا، وطبقاً لتقارير الأمم المتحدة فإن هناك مؤشرات على تورط شركات إسرائيلية في التجارة غير المشروعة للألماس، ومن المعروف أن مافيا هذا الحجر الثمين تقوم بتهريبه من دول مثل الكونغو وسيراليون وأنجولا عبر دول الجوار ليصل إلى هولندا، ثم بعد ذلك إلى مراكز تصنيع الألماس في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالإضافة إلى إسرائيل والهند. على أن هذه التجارة غير المشروعة توازيها تجارة أخرى غير مشروعة هي تجارة السلاح؛ حيث يتم عقد صفقات لشراء الأسلحة مع جماعات وقبائل وحتى حكومات، خاصة مع الدول الغنية بالألماس.[7]
وتمثل “جنوب إفريقيا” الشريك التجاري الأول لإسرائيل في القارة؛ حيث أظهرت أرقام “المعهد الإسرائيلي للصادرات والتعاون الدولي” وجود أكثر من 800 شركة ومصدّرا إسرائيليا يعملون حاليا في جنوب إفريقيا، كما امتد النشاط الإسرائيلي إلى قطاع المعادن لاستغلال الثروات المعدنية؛ فقد تولت بعض الشركات الإسرائيلية المتخصصة في التنقيب عن المعادن عمليات استخراج الماس في الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى وسيراليون، واستغلال مناجم الحديد في ليبيريا وسيراليون، واستخراج القصدير في الكاميرون وسيراليون، والرصاص والزنك من الكونغو.
مصر والسودان في الاستراتيجية الإسرائيلية
كان لمصر والسودان النصيب الأكبر في الاستراتيجيات الإسرائيلية؛ مصر بسبب موقعها الحيوي، ومرور قناة السويس من أراضيها، وبسبب ثقلها السياسي، وقوتها العسكرية والاقتصادية، وثرواتها المائية، ودورها الإقليمي، ليس فقط في القارة الإفريقية، بل وعلى الساحة الدولية؛ لذلك ظلت إسرائيل ترى في مصر الدولة العربية الواجب إضعافها دائماً، كونها الدولة الأبرز من دول الطوق القادرة على مجابهة “إسرائيل” سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.[8]
وأما السودان فمهم لموقعه وثرواته وإمكاناته، حيث أن حدوده هي حدود العروبة في قلب إفريقيا، وإمكاناته هي إمكانات الأمة جمعاء، وتقدمه يعني تقدمها وضعفه هو ضعفها، فهو سلة الغذاء العربي، وهو مجرى النيل، وفيه أخصب أراضي العالم، وطالما أنه مشغول بالمجاعات والحروب الأهلية ومشاريع الانفصال فلن تقوم له وبالتالي للأمة قائمة، وقد ظهرت أدلة متزايدة تؤكد أن المطالبة بفصل جنوبه عن شماله كانت تأتي في سياق مخطط أميركي إسرائيلي يهدف إلى إتباع تكتيك مختلف في الحرب على المنطقة العربية؛ أي بتقسيم الدول العربية وتجزئتها بدلا من خوض الحروب التقليدية معها، بحيث يسهل على أمريكا التحكم بتلك الدول ونهب ثرواتها، ويسهل على إسرائيل فرض هيمنتها عليها.[9]
في السودان كان الهدف الأميركي واضحا: السيطرة على مواقع استراتيجية جديدة في القارة الإفريقية، واستغلال مواردها الطبيعية، وتحديداً النفط؛ وقد أشار وزير الأمن الإسرائيلي، “آفي ديختر” في محاضرة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، إلى أن “لدى إسرائيل موقفا استراتيجيا ثابتا تجاه السودان، يهدف إلى حرمانه من أن يصبح دولة مهمة بالمنطقة”. وكانت “جولدا مائير” قد أكدت بعد نكسة حزيران، أن تقويض الأوضاع بالسودان والعراق يقتضي استغلال النعرات العرقية فيهما؛ ما يعني أن استهداف وحدة البلدين -من وجهة نظرها- سيجعل العمق الاستراتيجي لدول المواجهة العربية مكشوفا في أية حرب مع إسرائيل. وفي هذا الاتجاه، عملت إسرائيل على اكتساب مواقع في إثيوبيا وأوغندا وكينيا وزائير، بهدفين مركبين، الأول: الانطلاق من هذه المناطق لعزل الجنوب السوداني ودارفور عن المركز، وأما الثاني: التسلل لبقية القارة الأفريقية.[10]
ولا شك أن موطئ القدم الذي تسعى له الدوائر المعادية في دولة “السودان الجنوبي” يعني التحكم في مجرى النيل،[11] وبالتالي وقوع مصر والسودان في القبضة المتحكمة فيه، وهي على الأكثر أمريكا وإسرائيل، وهذا يعني تهديد أمنهما القومي في عصب الحياة وشريانها الأهم، بكل ما يعنيه من مياه للشرب والري والصناعة والزراعة والطاقة الكهربائية.[12]
وقد سعت إسرائيل ومنذ البداية لتكثيف تواجدها في إثيوبيا وغيرها من دول الجوار للسـودان، وإقامتها لشبكة من العلاقات العامة المتميزة مع العديد من الدول الإفريقية، في مختلف النواحي السياســـــية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، بحيث تتمكن من التأثير على مواقــــف هذه الـدول -خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي-، ولكي تتمكن أيضا من محاصرة الســــودان وتقسيمه باعتباره العمق الاستراتيجي لمصر والدول العربية، والمعبر الذى يربط الأمة العربية والإســــلامية بدول الجـــنوب الإفريقي, بالإضافة لتمكين إسرائيل من فرض سيطرتها على منابع النيل الذى يمــثل الشريان الرئيسي الذى يمد السودان ومصر بالمياه، الأمر الذى يمثل تهديداً مباشراً للأمن الســـــــوداني والمصــــري، وبالتالي الأمن القومي العربي.[13] ففي مجال بناء السدود المائية مثلا؛ قدمت إسرائيل دراسات فنية إلى زائير ورواندا لبناء سدود، وذلك في إطار برنامج شامل لإحكام السيطرة على مياه البحيرات العظمى، وبالتالي التحكم في مجرى النيل. وفي زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي “ليبرمان” في أيلول 2011 لعدد من الدول الإفريقية، أبرم 5 اتفاقيات لتمويل 5 سدود على نهر النيل في تنزانيا ورواندا. وقد أكد خبراء المياه الدوليين أن هذه المشاريع ستؤثر سلبا على حصة مصر السنوية من المياه.[14]
مراحل تطور العلاقات الإسرائيلية الإفريقية
شهدت سياسات التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا مراحل متباينة؛ بحيث يمكن التمييز بين خمس مراحل أساسية في تطور مسيرة العلاقات بين إسرائيل وإفريقيا وهي:[15]
المرحلة الأولى 1948 – 1957: مرحلة البحث عن شرعية الوجود وتأمين الكيان:
بدأت العلاقات الإسرائيلية الإفريقية مع “ليبيريا”، التي اعترفت بالدولة الإسرائيلية منذ إعلانها عام 1948 وهي ثالث دولة تعترف بها رسمياً، وربما كان ذلك بسبب قوة النفوذ الأمريكي في هذا البلد، ولكن المهم أن إسرائيل اتخذت منها ركيزة للانطلاق إلى باقي دول القارة. أما دولة “جنوب أفريقيا” فقد اعترفت بإسرائيل منذ أن استلم الحزب الوطني الحكم فيها عام 1948، لكن العلاقات الدبلوماسية اقتصرت على تبادل القناصل، ثم تطورت بعد ذلك بزمن، لتشمل مختلف نواحي التعاون الاقتصادي والعسكري والأمني.
المرحلة الثانية 1957 – 1973: مرحلة التغلغل والانتشار:
يمكن التأريخ لبداية الانطلاقة الحقيقية لإسرائيل في إفريقيا بعام 1957؛ حيث كانت إسرائيل أول دولة أجنبية تفتح سفارة لها في “أكرا” بعد أقل من شهر من حصول غانا على استقلالها عن بريطانيا.[16] وقد لعبت السفارة الإسرائيلية في أكرا دوراً هاما في افتتاح مرحلة دبلوماسية جديدة؛ حيث تم افتتاح سفارتين أخريين في كل من منروفيا وكوناكري تحت تأثير إمكانية الحصول على مساعدات تنموية وتقنية من إسرائيل. وفي العام التالي 1958 قامت وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك (جولدا مائير) بزيارة إفريقيا لأول مرة، واجتمعت بقادة كلٌ من ليبيريا، وغانا، والسنغال، ونيجيريا، وكوت ديفوار.
ثم توسعت رقعة النشاط الدبلوماسي الإسرائيلي لتشمل نيجيريا, والسنغال, وساحل العاج. وقد لاقت إسرائيل ترحيباً فورياً من الدول الإفريقية الفرانكفونية؛ وذلك بسبب قوة النفوذ الفرنسي في هذه الدول خاصة في زمن الرئيس الفرنسي “ديستان”, في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تقيم علاقات وطيدة مع فرنسا. في تلك الحقبة حازت معظم الدول الأفريقية على استقلالها, وكانت إسرائيل سبّاقة للاعتراف بالدول الوليدة, حيث حرصت على إرسال ممثلين لها للمشاركة في احتفالات الاستقلال في أكثر من دولة، حاملين معهم عروضاً مغرية، ووعودا بالمساعدات الفنية.[17]
وفي هذه الفترة نجحت إسرائيل في إقامة علاقات مع 32 دولة أفريقية, أي تقريبا جميع دول القارة، باستثناء الدول العربية والإسلامية، والمستعمرات البرتغالية، واستطاعت أن تفتح سفارات مع 30 بلداً منها، بينما احتفظت بعلاقات قنصلية مع جنوب أفريقيا وموريشيوس.
وعندما عقد المؤتمر الأول للبلاد الأفريقية المستقلة عام 1958 في أكرا بدعوة من الرئيس نكروما؛ رفضت غالبية الدول المشارِكة في المؤتمر تأييد الاقتراح المصري المتضمن وصف إسرائيل بالعنصرية والإمبريالية، وكانت هذه إشارة على مدى التحول في الموقف الإفريقي. وبحلول عام 1966 كانت إسرائيل تحظى بتمثيل دبلوماسي في أغلبية الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، ومع ذلك فإن إفريقيا ظلت بمثابة ساحة للتنافس العربي الإسرائيلي .
المرحلة الثالثة 1973 ~ 1983: أعوام الانحسار والمقاطعة:
إذا كان العام 1967 قد شهد ذروة العلاقات الإسرائيلية الأفريقية، فقد مثل أيضاً بداية التراجع والتدهور في هذه العلاقات؛ ففي بداية هذا العام أكملت إسرائيل بناء علاقاتها الدبلوماسية مع 32 دولة، بالإضافة إلى تمثيل قنصلي فخري مع خمس مناطق أخرى كانت مستعمرات لدول غربية, ومن جانب آخر كانت إحدى عشر دولة أفريقية تقيم تمثيلاً دبلوماسياً لها في تل أبيب. ولكن بعد حرب حزيران 1967 بدأت صورة إسرائيل تهتز في أذهان القادة الأفارقة؛ فبعد أن كانت منظمة الوحدة الأفريقية تتجنب إدانة إسرائيل، بدأ موقفها بالتغير التدريجي؛ فأخذت تطالب بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة. ومع ازدياد التقارب العربي الأفريقي, وإزاء التعنت الإسرائيلي؛ بدأت منظمة الوحدة الأفريقية تتخذ قرارات أكثر حزماً وصولاً للقرار الذي اتخذته المنظمة في أيار 1973، والذي تضمن تحذيراً رسمياً لإسرائيل بأن رفضها الجلاء عن الأراضي العربية المحتلة يعتبر اعتداء على القارة الأفريقية وتهديداً لوحدتها, وأن الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية تعتبر نفسها مدعوة لأن تأخذ منفردة أو بصورة جماعية أية إجراءات سياسية واقتصادية مناسبة لصد ذلك العدوان. وقد مثّل هذا القرار نقطة تحول إيجابية في تطور رؤية إفريقيا للصراع العربي الإسرائيلي.
وبعد القرار مباشرة سارعت ثماني دول أعضاء في المنظمة إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، ثم جاءت حرب أكتوبر 1973 لتُحدث انقلابا نوعيا آخر في الموقف الإفريقي؛ إذْ كانت إسرائيل قبل الحرب تقيم علاقات دبلوماسية مع عدد كبير من الدولة الإفريقية، بيد أنها بعد الحرب خسرت معظم تلك العلاقات، ليتقلص عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية معها في مطلع الثمانينات ليصل إلى خمس دول فقط هي: جنوب إفريقيا، والدول الأربع التي تدور في فلكها، وهي ليسوتو، ومالاوي، وسوازيلاند، وبوتسوانا.[18]
ويرجّح محللون أن الدول الإفريقية التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، قد فعلت ذلك تأييداً للموقف المصري، باعتبار مصر دولة إفريقية تسعى لاستعادة أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي. فيما يفسر آخرون تغير الموقف الإفريقي أنه كان بهدف الحصول على المساعدات العربية ولا سيما من الدول النفطية .
في العام 1974 اختير الرئيس الجزائري “هواري بومدين” رئيساً لحركة عدم الانحياز، وأثناء مؤتمر الحركة الذي عُقد في الجزائر في العام نفسه اتخذ المؤتمرون قرارات تؤيد كلاً من مصر وسوريا والأردن في استعادة أراضيها المحتلة، كما تدعو إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وكانت كل من كوبا وزائير وتوجو من أوائل الدول التي تستجيب لدعوة المقاطعة تلك.
وفي نفس العام رُشــح وزيــر الخـارجيــة الجـــزائري “عبد العزيز بوتفليقة” رئيـساً للجمعية العامة للأمم المتحـدة. وقد استطاع العرب في ذلك العام الاستفادة من زخم حرب تشرين/ أكتوبر وتداعياتها على المنطقة، خاصة بعد قرار المقاطعة النفطية، وتمكنوا من إضفاء مزيد من الشرعية الدولية على منظمة التحرير الفلسطينية. وقد تمثل ذلك في دعوة “ياسر عرفات” لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة، ومعاملته معاملة رؤساء الدول، وذلك بشكل غير مسبوق في تاريخ المنظمة الدولية. الأمر الذي دعا العديد من الدول الإفريقية لقطع علاقاتها بإسرائيل.
إضافة لما سبق فقد نجحت الحملة العربية الرامية إلى عزل إسرائيل في استصدار قرار من الجمعية العمومية يصفها بالعنصرية[19]، وما ساعد على نجاح الحملة مواقف إسرائيل نفسها التي اتسمت بالسلبية؛ وأهمها دعم إسرائيل للحركات الانفصالية الإفريقية مثل حركة “بيافرا” في نيجيريا، وحركات الانفصال في جنوب السودان، إلى جانب دعمها وتأييدها المعلن لنظام التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا، [20]وتأييدها احتلال ناميبيا، وحكم الأقلية البيضاء في روديسيا[21].
ومع مطلع الثمانينات كانت إسرائيل قد خسرت القارة الإفريقية، وتقلص تمثيلها الدبلوماسي إلى أقصى حد. ومع هذا النجاح الدبلوماسي العربي، إلا أن إسرائيل ظلت على علاقة جيدة نوعا ما -ولو بشكل غير رسمي- مع معظم الدول الإفريقية التي قامت بقطع العلاقات معها.
المرحلة الرابعة 1982 ~1991: مرحلة عودة العلاقات:
استمرت (إسرائيل) في سياساتها الرامية إلى العودة إلى إفريقيا؛ وذلك من خلال تدعيم وتكثيف اتصالاتها الإفريقية في المجالات كافة دون اشتراط وجود علاقات دبلوماسية. وفي العام 1982 أقام “موبوتو سيسيسيكو” رئيس زائير الأسبق علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل[22]، بسبب حاجته الماسة للمساعدات العسكرية الإسرائيلية، ولا سيما في ميدان تدريب الجيش وحرسه الجمهوري. تبعته ليبيريا في 1983 ثم ساحل العاج والكاميرون 1986، والتوغو 1987. [23]
المرحلة الخامسة ما بعد العام 1991: مرحلة التطبيع:
شهدت هذه المرحلة إعادة تأسيس العلاقات بين إسرائيل وإفريقيا مرة أخرى، ولا سيما خلال عامي 1991، 1992، وطبقاً للبيانات الإسرائيلية فإن عدد الدول الإفريقية التي أعادت علاقاتها الدبلوماسية أو أسّستها مع إسرائيل منذ مؤتمر مدريد في أكتوبر 1991 قد بلغ ثلاثين دولة. وفي عام 1997 بلغ عدد الدول الإفريقية التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل 48 دولة.
عوامل نجاح الدبلوماسية الإسرائيلية في إفريقيا
بدءاً من نهاية عقد السبعينات وخلال المرحلة التي تلته بدأت العلاقات الإسرائيلية الإفريقية تشهد حالة جديدة من النمو، خاصة بعد أن تهيأت في المنطقة ظروف سياسية معينة خَدَمت إسرائيل في مسعاها لعودتها للقارة السمراء، كان أولها انهيار الدبلوماسية العربية في أفريقيا بعد خروج مصر من الجامعة العربية، ومن المعلوم أن مصر صاحبة أكبر ثقل سياسي في المنطقة، وهي الدولة الأهم والأقوى التي كانت تقود حملة سياسية في إفريقيا على مدار ثلاثة عقود متوالية ترمي إلى دفع الدول الإفريقية لقطع علاقاتها بإسرائيل، ولكنها بعد عقد اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل (1979) فقدت مبرر هذه الحملة، بل وأوقفتها، ما أعطى مبرراً لإعادة هذه الدول علاقاتها مع إسرائيل.
وبعد حرب الخليج الأولى (1991) والتي في أعقابها انهار الاتحاد السوفييتي طرأت تغيرات جذرية وحادة في بنية النظام الدولي، كانت أهم سماتها انتهاء الحرب الباردة، ونشوء نظام عالمي أحادي القطبية تحتل فيه أمريكا موقع الصدارة، ومن الطبيعي أن يكون لذلك التغيير انعكاسات واضحة في الخارطة السياسية الإقليمية، كان من أبرزها في القرن الإفريقي: سقوط النظم الماركسية المدعومة من الاتحاد السوفييتي، وأهمها نظام “منجستو” في أثيوبيا، ونظام “سياد بري” في الصومال، ثم تحرر أرتيريا من أثيوبيا، وابتعادها عن النظام العربي.
ومن الجدير بالذكر أن إثيوبيا احتفظت بعلاقات سرية مع إسرائيل،[24] حيث كانت تتلقى الأسلحة منها مقابل تسهيل مهمة ترحيل يهود إثيوبيا (الفلاشا) إلى إسرائيل. وفي عهد النضال الإرتيري ضد الاحتلال الأثيوبي، وقفت إسرائيل إلى جانب الجيش الإثيوبي مع احتفاظها بعلاقات مع بعض أجنحة الثورة الأريتيرية، وعندما توازنت قوى الصراع بين الطرفين، ونالت أريتيريا استقلالها؛ أعادت إسرائيل ترسيخ العلاقة مع الجانبين، وهي الآن تقيم علاقات عسكرية وأمنية واقتصادية مع أريتيريا، وتحتفظ بقواعد عسكرية واستخباراتية في كل من أثيوبيا وأرتيريا –أيضا- بحجة تدريب قوات الجيش والشرطة في البلدين.[25]
وفي أكتوبر 1992 عُقد مؤتمر مدريد للسلام، وبدأت العملية التفاوضية المباشرة بين العرب وإسرائيل، الأمر الذي أعطى انطباعا لغالبية الدول الإفريقية بأن النزاع العربي الإسرائيلي في طريقه للحل، وبالتالي لا مبرر للقطيعة مع إسرائيل؛ خاصة وأن العديد من دول العالم بدأت إعادة علاقاتها معها وأهمها الاتحاد الروسي، وصارت إسرائيل ممرا إجباريا لأي دولة تريد توطيد علاقاتها بأمريكا والحصول على مساعداتها. وما سهل المهمة على إسرائيل؛ أن الدول العربية انشغلت بقضاياها الداخلية، واحتدمت النزاعات والخلافات الإقليمية بين بعضها البعض من ناحية، ومع جاراتها من ناحية أخرى (إيران، تركيا، تشاد، أوغندا ..)، ما منح إسرائيل الفرصة للعمل بحرية وارتياح في المنطقة الإفريقية.
وبعد أن أدانت إسرائيل بشكل واضح نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا في 1987، وبعد إلغاء الأمم المتحدة القرار المساوي بين الصهيونية والعنصرية في 1991؛ توفرت عوامل إضافية لأن تستأنف دول أفريقية أخرى مثل كينيا وغينيا الحوار مع إسرائيل. وفي عام (1992) قامت ثماني دول إفريقية بإعادة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وقبل نهاية التسعينات كانت إسرائيل قد نجحت بإعادة علاقاتها مع معظم دول القارة.
العلاقات العربية الإفريقية
لا تنطلق العلاقات العربية الإفريقية من أفق الصراع العربي الصهيوني، وتنافس الجانبين على القارة وحسب؛ بل وأيضا من حقائق التاريخ ومعطيات الجغرافيا، والمصالح والأهداف المشتركة والتعاون العربي الإفريقي المشترك. إلا أن هذا التعاون عانى من العديد من المعوقات والمشكلات على مدار العقود الماضية، منها غياب المنظومة الفكرية للتعاون، وتعدد القنوات والمبادرات مع عدم وجود تنسيق مؤسسي بينها، بالإضافة إلى عدم وجود ترتيبات وأولويات تتكيف مع مقتضيات البيئتين الإقليمية والدولية.
وقد أدى التغير المستمر في بنية النظام الدولي إلى تغير تركيبة النخب الحاكمة في أفريقيا، وبالتالي تغير المفاهيم والأولويات التي تعلنها هذه النخب، الأمر الذي أدى إلى تغيير أسس وأهداف التجمعات الافريقية، وظهور ترتيبات جديدة بشأن إنشاء أسواق مشتركة ومناطق جمركية، وفى إطار هذه الحقائق والتغيرات الجديدة، أصبح من الضروري إيجاد رؤية جديدة للتعاون العربي الأفريقي على مستوى العلاقات الثنائية بين الدول، مع استمرار التعاون بين جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية.[26]
وقد مرت العلاقات العربية الإفريقية بمراحل مختلفة ومتباينة، كان لكل مرحلة سماتها وشكلها المميز، بحيث جعلتها تتخذ طابعا خاصا بها، وجعلتها تتراوح بين المد والانحسار، الأمر الذى أثر على مستوى ونوعية العلاقات العربية الأفريقية، وبالتالي الإسرائيلية الأفريقية.
في أعوام الخمسينات والستينات تنامى المد الناصري في إفريقيا على نحو ملفت، وكانت مصر تقدم الدعم للثورة الجزائرية وغيرها من حركات التحرر، إذْ رأت مصر في إفريقيا ساحة صراع ساخنة ضد النفوذ الأمريكي والصهيوني، فتعهد الرئيس “عبد الناصر” بطرد إسرائيل من القارة، إلا أن المسألة لم تكن سهلة أبدا؛ فعلى سبيل المثال كانت مصر تدعم حركة “باتريس لومومبا” في الكونغو، بينما كانت أمريكا وإسرائيل (وبالطبع بلجيكا)[27] تدعم خصمه “موبوتو سيسيسيكو”، الذي تخلّص من الزعيم الوطني “لومومبا” وأصبح رئيساً للدولة بعد ذلك. لكن الاستراتيجية المصرية لم تكن مقتصرة على المواجهة السياسية والدبلوماسية؛ بل كانت لها أبعاد أخرى اقتصادية وثقافية، ففي الجانب الاقتصادي افتتحت مصر ثلاثة عشر فرعا لشركة “نصر” في مختلف الدول الإفريقية، وأرسلت أشهر وأفضل الشركات والمؤسسات التجارية المصرية إلى تلك البلدان في غرب ووسط وشرق القارة، وقامت بعمل مشاريع اقتصادية وشق طرق في غانا وسيراليون ونيجيريا وكينيا وتنزانيا.[28]
وإذا مثّل مؤتمر “باندونغ” (1955) لدول عدم الانحياز في أحد معانيه جولة رابحة ضد النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في العالم، فقد جاء المؤتمر الأول للبلاد الأفريقية المستقلة عام 1958 في أكرا، في أحد معانيه جولة رابحة لصالح إسرائيل، إذْ رفضت غالبية الدول المشارِكة في المؤتمر تأييد مقترح مصر بوصف إسرائيل بالعنصرية والإمبريالية.
وعلى صعيد تطور العلاقات العربية الإفريقية يمكن وصف عقدي الستينات والسبعينات بمرحلة المد؛ ففي هذه المرحلة التي بدأت بالتأمل الشامل من قِبَل الطرفين، أخذت العلاقات تتنامى وبشكل تدريجي، وقد استفادت دول القارة من انخراطهما معا في منظومتين، على الرغم من أن الدول العربية والأفريقية كان لكل منها نظام إقليمي خاص بها، إلا أن ما جمعهما في إطار سياسي واحد هو حالة الانسجام بين منظمة الوحدة الأفريقية من ناحية، وجامعة الدول العربية من ناحية أخرى.[29]
وقد رحب مؤتمر القمة العربي الذى عُقد بالجزائر (1973) بعودة العلاقات العربية مع الدول الأفريقية، وأشاد بتعاون منظمة الوحدة الأفريقية، ثم جاءت دعوة مؤتمر القمة العربي في الرباط (1974) لعقد مؤتمر قمة عربي أفريقي مشترك، لتمثّل نقطة تحول هامة في علاقات التعاون العربي الأفريقي، وإشارة واضحة لاهتمام الدول العربية بتمتين روابطها مع الدول الإفريقية، والدخول في مرحلة جديدة من التعاون العربي الأفريقي، أثمرت بانعقاد مؤتمر قمة التعاون العربي الأفريقي عام 1977 في القاهرة.
وكان لهذا التعاون (العربي الأفريقي) تأثيرا عكسيا على العلاقات الأفريقية الإسرائيلية؛ حيث ازداد عدد الدول الأفريقية التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، خاصة بعد قرار المنظمة الإفريقية في أيار 1973، والذي تضمن تحذيراً لإسرائيل بأن رفضها الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة يعتبر اعتداء على القارة الأفريقية وتهديداً لوحدتها، واستمر هذا الموقف حتى بداية الثمانينات، حيث أكدت القمة الأفريقية التي عقدت في نيروبي (1981) وقوفها الحازم ضد العدوان الإسرائيلي، وضد تعنت الموقف الإسرائيلي، حتى أن الآمال الإسرائيلية بعودة علاقاتها مع الدول الأفريقية تبددت حينها، سيما وأنها عزلت نفسها أكثر، بعد تأكيدها على العلاقات الخاصة التي تربطها بالحكومة العنصرية البيضاء في جنوب أفريقيا.
لكن مرحلة التعاون هذه لم تستمر على نفس المنوال؛ بل أنها مرت بما يمكن وصفه بمرحلة الانحسار، حيث بدأ الاهتمام العربي بإفريقيا يفقد زخمه، ويتراجع شيئا فشيئا، وعلى الرغم من أن مظاهر الانحسار في هذه التجربة قد بدأت مقدماتها في نهاية السبعينات، إلا أن انعكاساتها السلبية في مجرى العلاقات العربية الأفريقية لم تظهر آثارها بشكل واضح إلا في بداية الثمانينات، وهي بالتحديد الفترة التي استغلتها إسرائيل لوضع مخططها للتسلل إلى القارة الأفريقية بدءً من العام 1981.
ويمكن تلمس مظاهر الانحسار في تجربة التعاون العربي الأفريقي من خلال متابعة نتائج الممارسات التي شهدتها التجربة في المرحلة السابقة، وعدم ترجمة المبادئ والأهداف المعلنة في مؤتمر التعاون الإفريقي الذي عُقد في القاهرة (1977). ومجمل القول أن ثمة انفصال بين الغايات والشعارات المعلنة، وبين نتائج عمل وممارسات هذه المنظمات والمؤسسات والدول، وأنها لم ترتق إلى مستوى التطلعات المشتركة.
ولاشك أن أسباب الأزمة في العلاقات، وأعراضها ونتائجها تتوزع على الجانبين، العربي والأفريقي بدرجات متفاوتة، بل ويتحمل الجانب العربي قدرا كبيرا من المسؤولية، إذا أنه أراد أن يقيم نموذجا خاصا لعلاقات قائمة على قدم المساواة بين شركاء في العالم الثالث، لكنه لم يستطع تجسيد هذا النموذج في أطر تنظيمية فعالة، تحوِّل المبادئ إلى واقع، وتترجم القول إلى فعل.
وقد ترتب على عدم تطبيق مبادئ وقرارات القمة العربية الإفريقية عدد من النتائج، أولها: تراجع الدور التنظيمي لكل من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، بحيث أصبحتا خارج المجرى الرئيسي التنظيمي للعلاقات العربية الأفريقية، دون أن يتم بناء مؤسسات تنظيمية بديلة أكثر فاعلية منهما. ونتج عن هذا التراجع في دور الجامعة العربية، واستبعادها من الدور التنظيمي للعلاقات، استقرار العلاقات العربية الإفريقية على المستوى الثنائي بين الدول. وكان من الطبيعي، بعد حصر العلاقات على المستوى الثنائي الوطني، فقدان الرؤية المشتركة الشمولية في فكر وممارسة التعاون العربي الأفريقي، ونتيجة لذلك ظهرت على الساحة، على المستوى الثنائي بين الدول، أولويات متنوعة ومتباينة، ترسمها المصالح الخاصة الضيقة لكل بلد.[30]
أساليب وأدوات السياسة الإسرائيلية في إفريقيا
تتابع إسرائيل على الدوام صعود وهبوط العلاقات العربية الإفريقية، وتراقب ما يحدث من انكسار وشروخ في هذه العلاقات لتعمل على تعميقها واستغلالها لصالحها، ولكنها لا تعتمد على ذلك فقط، بل لديها أسلوبها الخاص، والذي أهم عناوينه:
أولاً: تقديم المساعـدات الاستخبارية والخدمات الأمنية والتدريبات العسكرية وتجارة السلاح. ومن الملفت للنظر أن إسرائيل تمتلك مصداقية كبيرة لدى الدول الإفريقية في ميادين الاستخبارات والتدريبات العسكرية، وحتى في نوعية السلاح. ومن البديهي أن تهتم الدول الإفريقية التي تعاني من الصراعات والحروب الأهلية والانقلابات العسكرية والانشقاقات داخل صفوف النخب السياسية الحاكمة اهتماماً بالغاً بقضايا المساعدات الأمنية والاستخبارية والحصول على السلاح، وهو ما دأبت السياسة الإسرائيلية في إفريقيا على التركيز عليه في جميع مراحل علاقاتها الإفريقية. ففي أوائل الستينات قامت بتدريب قوات وقيادات عسكرية لبعض دول القارة دون مقابل، إلى درجة أن بلغ عدد الجيوش الأفريقية التي تلقّى بعض أفرادها تدريباتهم على أيدى الإسرائيليين تسعة عشر جيشا سنة 1967، وفي ذات السياق أنشأت ميناء عسكريا بالقرب من ميناء مصوع، وقاعدة تجسس ومحطات إنذار مبكر في إريتريا، وهناك اليوم حوالي 600 خبير عسكري إسرائيلي في إريتريا وحدها.[31] وتشير الإحصاءات التي نشرها مركز التعاون الدولي التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أن عدد الأفارقة الذين تلقوا تدريبهم في إسرائيل عام 1997 وصل إلى نحو 742 متدرباً، إضافة إلى 24636 إفريقياً تلقوا تدريبهم في مراكز التدريب الإسرائيلية خلال الأربعين سنة الماضية.[32]
ثانياً: المساعدات الفنية: وقد اشتملت منذ البداية على ثلاثة مجالات أساسية وهي: نقل المهارات التقنية وغيرها من خلال برامج تدريبية معينة، وتزويد الدول الإفريقية بخبراء إسرائيليين لمدة قصيرة أو طويلة المدى، وإنشاء شركات مشتركة. وقد استغلت إسرائيل خروج الدول الإفريقية حديثاً من نير الاستعمار الغربي، وافتقارها للخبرات الفنية في شتى المجالات، وأنها بحاجة ماسة لمختلف أنواع الدعم والمساندة لتثبيت أركان الدولة، وتحقيق التنمية والاستقرار.[33]
ثالثا: تهتم إسرائيل بشكل خاص بالأشخاص الأفارقة ذوي النفوذ، أو الذين لهم مستقبل سياسي مأمول في بلدانهم، أو الذين ينتمون إلى الأقليات في بلدانهم ويرتبطون مع الولايات المتحدة، وبالطبع بإسرائيل. ومن الأمثلة على هذه الحالات: الرئيس الكونغولي الراحل “موبوتو سيسيسيكو”، و”ميليس زيناوي” في إثيوبيا، و”أسياس أفورقي” في أرتيريا، و”جون جارانج” في جنوب السودان، و”يوري موسيفيني” في أوغندة، و”بول كاجامي” في رواندا.[34]
رابعا: تغذية نزعات الانفصال، وخاصة في الدول العربية الافريقية، ومساندة الجماعات الإقليمية غير العربية فيها. لكن أدلة كثيرة أكدت وجود علاقات تحالفية مع قادة الجيش الشعبي لتحرير السودان بزعامة جون جارانج، منذ ستينات القرن الماضي، حيث كشف طرفاً من ذلك أحد قادة حركة التمرد في مذكراته، وهو “سفيريانو فولي”، الذي ذكر أنه تم تعيينه سكرتيراً إداريا في العام 1963، وأنه قُدم إلى السفارة الإسرائيلية في كمبالا، وأصبح حلقة الوصل الأساسية بين الحركة وإسرائيل، وفي عهده تم التنسيق مع إسرائيل فيما يتعلق بالتدريب والتسليح، كما تم إعداد مطار “اوبيخ” في بول، وقد أرسلت إسرائيل أعضاء من قواتها للإشراف على استلام السلاح، وقامت بإرسال ضباط الحركة للخارج للتدريب. [35]
كما تمارس إسرائيل التحريض والتحريض المضاد بهدف تسخين أفريقيا، وزرع الشقاق بين الأفارقة والعرب، كما هو الحال بين السودان وأوغندا والصومال وأثيوبيا وأريتريا، حتى أن أريتريا تحولت إلى قاعدة تضم كل ألوان الطيف المعارض وتنظيماته ضد الحكم في السودان. أما الصومال الذي يمر منذ عقود بحالة من غياب الدولة؛ فإن اللعبة الإسرائيلية تكشفت على أرضه من خلال الصراع القائم بين إريتريا وأثيوبيا داخله.
ويستمر الدفع باتجاه تسخين المنطقة؛ حيث ظهرت أزمة علاقات بين مصر وعدد من دول حوض النيل، منها أوغندا التي أعلنت انسحابها من اتفاقية مياه النيل. وامتد التسخين في نفس الاتجاه بين النيجر وتشاد، وبين الجيش الكيني والميليشيات الاسلامية في الصومال.[36] وعادة، فإن إسرائيل، بعد إثارتها للأزمات، تعمل على تدويلها، كما حدث في أزمة دارفور، حيث كان التحرك الإعلامي المبكر لتدويل الأزمة، ووصفها بأنها حرب بين العرب والأفارقة – علما بأن جميع سكان اقليم دارفور من المسلمين-.[37]
خامسا: الاهتمام بالعلاقات العامة مع الشخصيات الحكومية والمعارضة في الدول الإفريقية، ودعوة الزعماء الأفريقيين لزيارة إسرائيل بغرض غرس الدهشة والإعجاب بكل ما هو إسرائيلي، وتثبيت أسطورة “شعب الله المختار”، و”الدولة النموذجية”. وفي هذا السياق تهتم الخارجية الإسرائيلية بتعيين مجموعة من السفراء المؤهلين تأهيلاً متميزاً ممن يمتلكون مقدرات ومهارات في نسج علاقات اجتماعية متينة، الأمر الذي يجعلهم محببين للأفارقة، بحيث لا يرون فيهم عنجهية الأوروبي الأبيض.[38]
الخلاصة
إفريقيا أكثر القارات تفتتا من الناحية السياسية، حيث تضم أكثر من خمسين كياناً سياسياً، وهي أكثر القارات التي غطاها الاستعمار، وآخر قارة انكشف عنها، ومثلما كانت أرض صراع وتحدٍّ أيديولوجي بين الشرق والغرب؛ ها هي اليوم ساحةً تتنافس عليها مختلف أشكال الاستعمار الجديد،[39] وإذا كان اهتمام العالم بأفريقيا يتزايد؛ فإن إسرائيل، ولأسباب عديدة، اهتمت بها بشكل خاص، وأنشأت من أجلها مراكز بحوث ومعاهد متخصصة بالدراسات الإفريقية، وحرصت على إقامة علاقات استراتيجية مع دولها، وحتى لو تراوحت هذه العلاقات بين مراحل المد والجزر، والصعود والهبوط؛ إلا أن عين إسرائيل ظلت مفتوحة على هذه القارة السمراء.
وقد اطلعنا على جانب من النشاط الإسرائيلي في القارة الإفريقية على كافة المستويات، ولاحظنا مدى الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة العبرية بهذا الجزء من العالم، ومدى النجاح الذي تحرزه هناك. وفي الوقت الذي تحرص فيه كل القوى الإقليمية الصاعدة كالصين والهند ودول أخرى كبرى كروسيا على التواجد في القارة الإفريقية، وتتنافس على الحصول على فرص استثمارية فيها، نلاحظ غيابا تاما للاستراتيجية العربية الموحدة للعمل باتجاه أفريقيا، سواء في الجانب السياسي والأمني، أم حتى في المجال الاستثماري والاقتصادي، أو في مجالات التعاون المشترك.
وقد آن الأوان للأمة العربية أن تصحو من سباتها، وأن تبادر لتصحيح خطئها التاريخي والاستراتيجي فيما يخص إفريقيا، وأن تدرك مدى أهمية هذه القارة – التي تقع معظم مساحة الدول العربية في شمالها ووسطها – وتربطها بها الكثير من الصلات التاريخية والجغرافية، والمصالح الحيوية، والمصير المشترك، وقبل ذلك أن تفهم مدى قوة تأثير هذه القارة على مجريات الصراع العربي الصهيوني، والذي يشكل مركز الدائرة للأمن القومي العربي.
وبعيدا عن المجالات العسكرية، هناك الكثير مما يمكن فعله، مثل إعادة الاعتبار لدور الجامعة العربية للعمل في إفريقيا، والاتفاق على تصور عربي موحد يتضمن استراتيجيات واضحة ومحددة، بحيث تكون مقبولة من قبل الدول الإفريقية، وتحقق مصالح الطرفين، والعمل على دعم وتفعيل المؤسسات والصناديق العربية القائمة، وإنشاء مؤسسة إفريقية عربية مشتركة لتشجيع الاستثمار، وإقامة مشاريع زراعية وصناعية مشتركة، وفي مجال البنية التحتية، وإشراك وإدماج منظمات المجتمع المدني وغير الحكومي في مجالات العمل المشترك، وتنشيط التبادل والتعاون الثقافي بين الدول، وتفعيل الدور الإعلامي بتحركات مدروسة في تلك المجالات.
وفي المجال الأمني لا بد من فرض التواجد العربي علي جميع الجزر في البحر الأحمر، والقرن الإفريقي، وتطوير آليات التعاون العسكري العربي.
المراجع
باحث مقيم في رام اللة
[1] محمد الحسن عبد الرحمن، الوجود الإسرائيلي في أثيوبيا واثره على الامن القومي السوداني، الراصد للبحوث والعلوم، http://www.arrasid.com/index.php/main/index/31/1/contents
[2] محمد سعيد، الدبلوماسية الإسرائيلية في أفريقيا إلى أين؟ مركز السلام للثقافة الدبلوماسية. http://www.siironline.org/alabwab/diplomacy-center/037.html
[3] عادل إبراهيم، عودة علاقات توجو وإسرائيل وواقع العلاقات العربية الأفريقية، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، مؤسسة الأهرام، http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=216286&eid=494
[4] رياض منصور، نتنياهو يفتح بوابة الخروج الجنوبية لإسرائيل جوا وبحرا، جريدة الدستور الأردنية، العدد رقم 16036- الأحد 4 آذار 2012.
[5] محمد سعيد، الدبلوماسية الإسرائيلية في أفريقيا إلى أين؟ مركز السلام للثقافة الدبلوماسية،
http://www.siironline.org/alabwab/diplomacy-center/037.html
[6] أحمد البيومي، العلاقات الأفريقية الإسرائيلية، خطر متصاعد يطارد العرب. موقع إفريقيا اليوم، 20 اكتوبر 2011 http://www.africaalyom.com/web/Details/4185-2/news.htm
[7] الجمعية الإفريقية للجودة الطبية، العلاقات الإسرائيلية الإفريقية. http://www.asqh.org/threads/4420
[8] المرغني أحمد، القرن الأفريقي.. بوابة غزو إسرائيلي لمصر والسودان، موقع المسلم، http://almoslim.net/node/85531
[9] عبد الغني سلامه، السودان الجنوبي – الولادة العسيرة، مجلة شؤون عربية، العدد 146، صيف 2011. القاهرة – جامعة الدول العربية.
[10] يوسف عبدا لله مكي، انفصال السودان والموقف الصهيوني، الوطن أون لاين، 2010-11-10. http://www.alwatan.com.sa/Writers/Detail.aspx?WriterID=60&issueno=4189
[11] استقل السودان الجنوبي عن السودان في يناير 2011، واعترفت به الأمم المتحدة في تموز من نفس العام.
[12] يوسف أيوب، أوغندا الرابح من انفصال السودان والعرب تائهون، اليوم السابع، 9 يناير 2011. www.youm7.com/News.asp?NewsID=333026
[13] محمد الحسن عبد الرحمن، الوجود الإسرائيلي في أثيوبيا واثره على الأمن القومي السوداني، الراصد للبحوث والعلوم، http://www.arrasid.com/index.php/main/index/31/1/contents
[14] رياض منصور، نتنياهو يفتح بوابة الخروج الجنوبية لإسرائيل جوا وبحرا، جريدة الدستور الأردنية، العدد رقم 16036 – الاحد 4 آذار 2012.
[15] الجمعية الإفريقية للجودة الطبية، العلاقات الإسرائيلية الإفريقية. مصدر سبق ذكره.
[16] حلقة عن العلاقات الإسرائيلية الأفريقية، تقديم سامي كليب، الضيوف: حلمي شعراوي، مسؤول سابق لحركات التحرر الأفريقية في مصر، إبراهيم نصر الدين، أستاذ في معهد البحوث الأفريقية- القاهرة. قناة الجزيرة، 25/12/2009. http://aljazeera.net
[17] محمد سعيد، الدبلوماسية الإسرائيلية في أفريقيا إلى أين؟ مركز السلام للثقافة الدبلوماسية، مصدر سبق ذكره.
[18] رياض منصور، نتنياهو يفتح بوابة الخروج الجنوبية لإسرائيل جوا وبحرا، مصدر سبق ذكره.
[19] القرار رقم 3379 والدول الأفريقية التي عارضته هي: ملاوي، ليسوتو، ليبيريا، ساحل العاج وجمهورية أفريقيا الوسطى، وامتنعت أثيوبيا عن التصويت.
[20] الجمعية الإفريقية للجودة الطبية، العلاقات الإسرائيلية الإفريقية، مصدر سبق ذكره.
[21] محمد مصطفى علوش، الإستراتجية الإسرائيلية في تخريب الدول الإفريقية، الحوار المتمدن، العدد 1727، 7-11-2006
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=80200
[22] تلقى موبوتو تدريبا عسكريا في إسرائيل عام 1963، وبعد سنتين أصبح رئيسا للبلاد.
[23] ترجمة أنديرا مطر، تغلغل إسرائيلي في القارة السمراء واجهته اقتصادية.. وخلفيته تطويق إيران، الشرق الأوسط، عن مجلة جون أفريكا. http://www.alsharkalawsat.com/israelfighting158.htm
[24] خالد وليد محمود، التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، عرض مركز الجزيرة للدراسات، http://studies.aljazeera.net/reports/2012/01/2012124112751652.htm
[25] المرغني أحمد، القرن الأفريقي.. بوابة غزو إسرائيلي لمصر والسودان، مصدر سبق ذكره.
[26] د. عبد الملك عودة، قضايا العلاقات العربية الافريقية واستراتيجية مقاربتها، مجلة السياسة الدولية، نيسان 2002، العدد رقم 148.
[27] خضعت الكونغو للاستعمار البلجيكي لأكثر من أربعة قرون.
[28] حلقة عن العلاقات الإسرائيلية الأفريقية، تقديم سامي كليب، الضيوف: حلمي شعراوي، مسؤول سابق لحركات التحرر الأفريقية في مصر، إبراهيم نصر الدين، أستاذ في معهد البحوث الأفريقية- القاهرة. قناة الجزيرة، 25/12/2009. http://aljazeera.net
[29] عادل إبراهيم، عودة علاقات توجو وإسرائيل وواقع العلاقات العربية الأفريقية، مجلة السياسة الدولية، مصدر سبق ذكره.
[30] عادل إبراهيم، عودة علاقات توجو وإسرائيل وواقع العلاقات العربية الأفريقية، مجلة السياسة الدولية، مصدر سبق ذكره.
[31] عمر الزبيدي، دعوات لتعميق العلاقات العربية الأفريقية للحد من التغلغل الإسرائيلي، الوطن أون لاين http://www.alwatan.com.sa/Culture/News_Detail.aspx?ArticleID=86895&CategoryID=7
[32] الجمعية الإفريقية للجودة الطبية، العلاقات الإسرائيلية الإفريقية، مصدر سبق ذكره.
[33] رياض منصور، نتنياهو يفتح بوابة الخروج الجنوبية لإسرائيل جوا وبحرا، مصدر سبق ذكره.
[34] المرغني أحمد، القرن الأفريقي.. بوابة غزو إسرائيلي لمصر والسودان، مصدر سبق ذكره.
[35] محمد مصطفى علوش، الإستراتجية الإسرائيلية في تخريب الدول الإفريقية، الحوار المتمدن، العدد 1727، 7-11-2006 .
[36] رياض منصور، نتنياهو يفتح بوابة الخروج الجنوبية لإسرائيل جوا وبحرا، مصدر سبق ذكره.
[37] محمد مصطفى علوش، الاستراتيجية الإسرائيلية في تخريب الدول الإفريقية، مصدر سبق ذكره.
[38] محمد سعيد، الدبلوماسية الإسرائيلية في أفريقيا إلى أين؟ مركز السلام للثقافة الدبلوماسية، مصدر سبق ذكره.
[39] د. محمد عبد الغني السعودي، قضايا إفريقية، سلسلة عالم المعرفة (34)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، أكتوبر- 1980. ص 7.
شؤون فلسطينية، العدد 248