بقلم أ. حكيم نجم الدي
وقعت في عام 2020م سلسلة من الأحداث والكوارث المؤثرة على مستوى العالم، انتهى بعضها في منتصف العام، بينما لا يزال الناس يواجهون البعض الآخر، وفي مقدمتها أزمة كورونا المستجد (كوفيد-19). وقد تأثرت نيجيريا ببعض هذه الحوادث مع استمرار بذل جهودها في التغلّب على تحدياتها الخاصة والاحتفال بإنجازاتها.
ومن بين عشرات الأحداث الرئيسية التي شهدتها نيجيريا في عام 2020م, يمكن القول بأن أكثرها إثارة للاهتمام إقليميًّا وعالميًّا ما يلي:
1- يناير 2020م: 50 عامًا على نهاية “الحرب الأهلية”:
احتفل النيجيريون في يوم 15 من يناير الماضي بالذكرى الخمسين لانتهاء الحرب الأهلية المعروفة أيضًا بـ”حرب بيافرا”, التي وقعت بين عامي 1967 و1970م، وأسفرت عن مقتل أكثر من مليون شخص. وقد بدأت إرهاصات الحرب في 1966م؛ وهو العام الذي شهدت فيه نيجيريا انقلابين عسكريين.
كان الانقلاب الأول في يناير 1966م بقيادة “تشكووما كادونا نزيوغوو” و”إيمانويل أفياجونا” (وهما من عرقية الإيبو)، وبمشاركة جنود آخرين شكوا من الهيمنة الشمالية على مفاصل الدولة والسلطة في نيجيريا. وقُتِلَ فيه العديد من كبار المسؤولين والسياسيين النيجيريين وزوجاتهم بمن فيهم رئيس وزراء نيجيريا الحاج “أبو بكر تافاوا باليوا”، والزعيم “لادوكي أكنتولا”، والشيخ “أحمدو بلّو”، وغيرهم. وردًّا على هذا, قام جنود آخرون بأغلبية شمالية وبقيادة “مورتالا محمد” في يوليو عام 1966م بانقلاب مضادّ (وهو ثاني الانقلابات في تاريخ نيجيريا).
وبالرغم من الانقلاب المضادّ, تصاعدت النزاعات العِرْقِيَّة، وارتفعت حدَّة الهجوم على عِرْقِيَّة الإيبو الذين كانوا يسكنون في مدنٍ شمالية, ما أدَّى إلى مغادرة الكثيرين منهم للشمال، والعودة إلى منطقة الشرق التي يقطنها أغلبية الإيبو. وفي عام 1970م اتَّهم الحاكم العسكري لمنطقة الشرق آنذاك “ايميكا أجوكوو” حكومة نيجيريا الفيدرالية بتهميش الإيبو وقتل الآلاف منهم. فأعلن “أجوكوو” في 30 مايو 1970م استقلال منطقة الشرق عن نيجيريا، وأطلق عليها اسم “بيافرا”، وهي خطوة رفضتها السلطات الفيدرالية النيجيرية برئاسة “ياكوبو غوان”. فنشبت الحرب الأهلية بانتشار القوات الفيدرالية في المدن الشرقية وما حولها لوقف الحركة الانفصالية.
2- فبراير 2020م: تسجيل أولى إصابات كورونا
أكّدت وزارة الصحة النيجيرية في 28 فبراير 2020م إيجابية نتائج عينة دم من مواطن إيطالي يعمل في لاغوس, ما جعله أول حالة إصابة لفيروس كورونا المستجد في نيجيريا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وثالث إصابة في إفريقيا بشكل عام (بعد مصر والجزائر). وقد بلغ اليوم عدد حالات الإصابة 83،576 حالة و70495 حالة شفاء و1،247 حالات وفاة؛ وفقًا لوزارة الصحة والوكالة المعنية في نيجيريا (بتاريخ 28 ديسمبر 2020م).
3- مارس 2020م: عزل أمير كانو “سانوسي لاميدو”:
في 9 من مارس2020م, أعلنت حكومة ولاية “كانو” شمال غرب نيجيريا عزل الحاكم التقليدي النافذ لمدينة كانو من منصبه. وجاء القرار بعد خلاف طويل بين الأمير “سانوسي لاميدو سانوسي” وسلطات الولاية بعد تعيينه في المنصب في عام 2014م؛ حيث اتُّهِمَ “بعدم احترام التشريعات القانونية”، واختراق العادات والتقاليد بانتقاده الشرس للسلطات و”تدخله فيما لا يعنيه”؛ لتصريحاته حول مختلف القضايا بشمال نيجيريا. ويُعَدّ أمير “كانو” حسب تقاليد شمال نيجيريا ثاني أكبر حاكم إسلامي في المنطقة بعد سلطان “سوكوتو”. وقد أشارت حكومة الولاية إلى أنها عزلته حماية لـ”حرمة وثقافة وتقاليد ودين ومكانة” إمارة ولاية “كانو” العريقة.
4- يونيو 2020م: ترشيح “إيويالا” لمنصب المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية:
في 10 يونيو 2020م قبلت منظمة التجارة العالمية ترشيح الوزيرة النيجيرية السابقة “نجوزي أوكونجو إيويالا” لمنصب مديرتها العامة, لتكون واحدة من المرشحين المتنافسين بعد استقالة البرازيلي “روبرتو أزيفيدو” من المنصب في نهاية أغسطس 2020م. ولم يتبقَّ الآن من المرشحين سوى “أوكونجو إيويالا” و”يو ميونغ هي” من كوريا الجنوبية. وهناك مَن ينظر إلى “أوكونجو” كالشخصية الأقرب لأن تصبح المديرة السابعة للمنظمة التجارية؛ رغم معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لها.
5- أكتوبر 2020م: أكبر عملية استحواذ على شركة نيجيرية ناشئة:
أعلنت الشركة الأمريكية “Stripe” في أكتوبر 2020م شراءها واستحواذها على الشركة النيجيرية الناشئة “Paystack” التي يقع مقرها في لاغوس، وتسهّل دمج خدمات الدفع وتوفيرها في جميع أنحاء نيجيريا وعدة دول إفريقية جنوب الصحراء الكبرى. وبحسب التقارير المحلية والدولية, بلغ سعر الاستحواذ الذي دفعته “Stripe” للشابَّيْنِ مالكي الشركة النيجيرية أكثر من 200 مليون دولار.
وإذ يؤكد هذا الاستحواذ على التقدُّم الذي تحرزه الشركات التكنولوجية في إفريقيا جنوب الصحراء والاهتمام الدولي الذي تحظى به الشركات الناشئة في نيجيريا, فقد وقَّعَت شركات ترفيه أخرى في نيجيريا على تعاقدات مع كبريات الشركات العالمية بما فيها “Netflix”.
6- احتجاجات الشباب ضد وحشية فرقة “SARS” الشرطية:
شهد شهر أكتوبر الماضي أيضًا تظاهرات “EndSARS” التي كانت أكبر الاحتجاجات وأطولها في تاريخ نيجيريا الحديث, وذلك للمطالبة بحل فرقة “مكافحة السرقة الخاصة” (The Special Anti-Robbery Squad) التابعة للشرطة النيجيرية، والمتهمة منذ أكثر من عقد بارتكاب جرائم وحشية خارجة على القانون. وقد استفاد منظموها الشباب من الإنترنت والمواقع الاجتماعية لرفع مستوى الوعي داخل نيجيريا وخارجها، وتوجيه رسائلهم للحكومة والمنظمات الدولية.
على أنّ القضية اتخذت منحًى آخر في 20 أكتوبر عندما فضَّت الحكومة هذه المظاهرات؛ حيث استخدم رجال الأمن المسلحون الرصاص الحيّ لتفريق الحشود غير المسلحين والمسالمين في منطقة “ليكي” في لاغوس ما أدَّى إلى وقوع إصابات ووفيات.
7- ديسمبر 2020م: إطلاق سراح تلاميذ “كانكارا” المخطوفين:
في يوم 11 ديسمبر 2020م هاجمت عصابة من المسلحين مدرسة العلوم الحكومية الثانوية في ضواحي كانكارا، ولاية كاتسينا شمال غرب نيجيريا؛ حيث يقيم أكثر من 800 تلميذ, واختطفوا أكثر من 300 تلميذ من المدرسة الداخلية الخاصة للبنين. وقد أعلنت حكومة ولاية كاتسينا في 17 من ديسمبر نجاح عمليات ردع العصابة المسلحة، وإطلاق سراح هؤلاء التلاميذ، مع اختلافٍ في روايات حكومة الولاية والجيش النيجيري حول الحادثة وحقيقة المسلحين.
وأخيرًا, يُضَاف إلى الاستعراض السابق أنَّ هناك محطات وأحداثًا أخرى لم يتمَّ الطرق إليها؛ كانتخابات بعض الولايات، وصراعات داخلية في أحزاب سياسية، ووفاة شخصيات نافذة, وبدء تشغيل خط السكك الحديدية من لاغوس إلى إبادان؛ وهو مشروع طموح له أهميته في منطقة جنوب غرب نيجيريا؛ لتخفيف العبء السكاني عن ولاية لاغوس، وتعزيز التكامل الوطني بتسريع وصول البضائع والأنشطة التجارية بين جنوب نيجيريا وشمالها.
المصدر: قراءات أفريقية